ناصف ساويرس: نسير فى اتجاه تسوية ازمة "أوراسكوم للإنشاء" الضريبية
وصف رجل الأعمال المهندس ناصف ساويرس، رئيس شركتى أوراسكوم للإنشاء والمقاولات وأوراسكوم للصناعة، حكومة المهندس إبراهيم محلب، بأنها حكومة الإنجازات، واعتبر رفع أسعار الوقود وتحريك أسعار الكهرباء إجراء بالغ الأهمية فى اتجاه تعزيز مناخ الاستثمار وإصلاح التشوهات الاقتصادية.
وتوقع رجل الأعمال، الذى يتربع على قائمة أغنى الأغنياء فى مصر بثروة تصل إلى نحو ٥ مليارات دولار حسب مجلة فوربس، أن يشهد تدفق الاستثمارات تطورًا بارزا خلال الأشهر القليلة المقبلة، وقال فى حواره مع «المصرى اليوم» إن هناك تطورات جيدة تدل على تحسن مناخ الأعمال والاستثمار فى مصر، خاصة ارتفاع مؤشر البورصة وبداية عودة الاستثمار الأجنبى إليها.. وإلى نص الحوار:
■ كيف ترى الوضع الاقتصادى الحالى فى مصر؟
- أعتقد أن الوضع الاقتصادى يتحسن حاليا، وهناك قرارات وإجراءات مهمة لإصلاح التشوهات الاقتصادية لم يجرؤ أى من الحكومات السابقة طوال نحو ٤٠ سنة على اتخاذها لمواجهة المشكلات الاقتصادية، وإعادة هيكلة الدعم، خاصة دعم المحروقات الذى تفاقم بشكل كبير، وأدى إلى عجز الموازنة العامة، وفشلت قرارات إصلاح التشوهات فى عهد الرئيس الراحل أنور السادات عقب أحداث ١٧ و١٨ يناير ١٩٧٧، وظنى أن هذه الإجراءات لم يكن لها أن تُتخذ إلا فى ظل الشعبية الكبيرة التى يتمتع بها الرئيس عبدالفتاح السيسى.
■ ألا ترى أن هذه الخطوة يجب أن تتلوها خطوات أخرى؟
- يجب أن تولى الحكومة اهتماما خاصا بحل مشكلة النقل الجماعى بشكل متحضر ولائق حتى تحتوى مشكلة ارتفاع أسعار المواصلات، ومن المهم أن تسمح الحكومة للقطاع الخاص بإنشاء شركات للنقل الجماعى منظمة وتقدم خدمة جيدة، وأعتقد أن هذا الأمر ليس جديدا على مصر، فقد كان رجل الأعمال أبو رجيلة لديه أسطول نقل جماعى رفيع المستوى قبل ثورة ٢٣ يوليو، وإذا سمحت الحكومة ونظمت دخول القطاع الخاص أعتقد أن شركات إنتاج الأتوبيسات ستدخل هذا المجال بما لديها من مزايا تنافسية وجاهزية.
■ كثير من المستثمرين يأخذون على الحكومة عدم اتخاذ إجراءات لتطوير مناخ الاستثمار لجذب رؤوس الأموال.. ما رأيك؟
- أرى أن هذه الحكومة جادة فى اقتحام المشاكل واتخاذ الإجراءات لمواجهتها، وأعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد طفرة فى الاستثمارات، وستمثل نقلة كبيرة للبلاد نحو النمو والتنمية الاقتصادية، وعلى سبيل المثال، فإن طرح الحكومة لمنظومة وشبكة الطرق الجديدة التى تصل أطوالها إلى ٢٥٠٠ كيلو متر ستكون بمثابة مشروع ضخم للتنمية والتعمير العمرانى والخروج من الوادى الضيق الى آفاق رحبة للتنمية، فهذه المشروعات تشمل مشروعات للبنية الأساسية والتنمية الزراعية والتصنيع الزراعى، إلى جانب مشروعات الخدمات، فهذه الطرق ستقام على جانبيها مجتمعات عمرانية وتنمية شاملة، وستكون جاذبة للاستثمارات بشكل كبير.
■ ولكن كثيرا من المستثمرين يؤكدون أن هناك معوقات تواجه تدفق الاستثمار ولم تعلن الحكومة خطة أو رؤية للتعامل معها حتى الآن؟
- ولكن أنا شخصيا أرى أن هذه الحكومة ينطبق عليها لقب حكومة الإنجاز ومحلب بلدوزر، مقارنة بحكومة د. الببلاوى التى لم تتخذ أى إجراء أو قرارات لإصلاح الوضع الاقتصادى أو التصدى للمشكلات على أى مستوى، فحكومة المهندس محلب بدأت تتعامل مع أبرز هذه المعوقات التى تواجه تدفق الاستثمار، كما أتابع تطورا ايجابيا فى رؤية دوائر الاستثمار ومؤسسات المال العالمية والإقليمية تجاه السوق المصرية، ودعنى أقدم لك عددا من المؤشرات المهمة التى تعكس تطور مناخ الاستثمار والنظرة المتفائلة من جانب المستثمرين، أولها ارتفاع مؤشر البورصة، وثانيا صفقة هيرمس ورفض المساهمين قبول العرض المقدم لتوقعاتهم بتطور الأوضاع وتحسن الظروف بما يسهم فى ارتفاع السعر مستقبلا، وثالثا، العروض الكثيرة لشراء شركة بسكو مصر، من جانب المستثمرين بما يعكس نظرتهم المتفائلة بالمستقبل.
■ هل يعنى ذلك أنك متفائل بتدفق الاستثمارات إلى مصر بعد أن شهدت شبه توقف على مدى ٣ سنوات ونصف السنة؟
- بالتأكيد أنا متفائل، خاصة مع قرب انتهاء الحكومة من إصدار تشريع جديد لتحصين قرارات الموظف العام من الاتهامات والبلاغات الجزافية التى تلاحقه طوال الوقت، وأدت إلى دخول عدد من الوزراء والمسؤولين السجون لشهور حتى حصلوا على أحكام بالبراءة، ولكن بعد أن تم المساس بهم وتجريحهم لشهور، وقد يترتب على كل ذلك مشكلة ضخمة لا يشعر بها إلا من يتعامل مع الأجهزة والهيئات الحكومية، فليس هناك موظف يريد أن يوقع على قرار أو يتخذ إجراء حتى لو تاكد ١٠٠% من صحته وأهميته، وأدى ذلك بالطبع إلى توقف الاستثمارات طوال السنوات الثلاث الماضية، ومن ثم تتضح أهمية هذا التشريع، خاصة انه يحصن قرارات المسؤولين طالما لم يحققوا من ورائها أى منافع أو أرباح او شبهة فساد بشكل مباشر أو غير مباشر، وهذا أمر منطقى وضرورى، فمن المنطقى أن من يعمل ويتخذ قرارات يصيب ويخطئ ولكن طالما أن الخطأ نتيجة سوء التقدير فلا يحاسب.
■ معنى ذلك أنك لا ترى مشكلات تواجه المستثمرين؟
- لا بل لى بعض الملاحظات التى أنصح بضرورة التركيز عليها من أجل زيادة الثقة فى مناخ الاستثمار وتعزيز تنافسيته، وفى مقدمتها ضرورة استقرار السياسات الضريبية، وأن تتسم بالشفافية والوضوح والاستقرار لفترة طويلة لأن عدم استقرار هذه السياسات فى أى دولة تقلق المستثمرين، فالمستثمر يخاف من المجهول ويقبل التعامل مع المعلوم، ويجب التأكيد على عدم وجود قرارات فجائية فى أى وقت.
ثانيا: أنصح بضرورة القضاء على ازدواجية سعر الصرف حيث إن وجود السوق الموازية لا يمثل رسالة إيجابية للمستثمر، ولابد من تخفيض سعر العملة والقضاء على هذه السوق، كما أن تخفيض قيمة الجنيه سيسهم فى تنشيط الصادرات وترشيد الواردات وتشجيع شراء الإنتاج المحلى، وتقليص عجز الميزان التجارى، إلى جانب تأثيره الجيد على حركة السياحة، ولا أرى مشكلة فى تخفيض قيمة الجنيه إلى نحو ٨ جنيهات للدولار الأمريكى، فليس من المعقول أن نستمر فى الدفاع عن قيمة الجنيه رغم الصعوبات التى تواجه الاقتصاد على مدى السنوات الماضية وتباطؤ النمو الاقتصادى، وعلينا أن نتابع الصراع بين الولايات المتحدة والصين لأن الأخيرة تصر على الحفاظ على قيمة عملتها منخفضة لزيادة صادراتها.
ثالثا: ضرورة الإسراع بإصدار قانون لتنظيم السماح للقطاع الخاص بالدخول فى مجال النقل الجماعى لامتصاص التداعيات السلبية لرفع أسعار الوقود، وأيضا اتخاذ خطوات مهمة فى مجال الخدمات اللوجستية لنقل الخضر والفاكهة وتغليفها وتعبئتها وعرضها بأسعار مناسبة من خلال تأسيس شركات للشباب فى هذا المجال، مما يخفض نسبة الهدر العالية فى نقل الخضر والفاكهة، ويسهم فى خفض السعر للمستهلك.
واسمح لى أن أقول إن مصر بها أعلى هامش ربح فى العالم كله، فى مجال الخضر والفاكهة بشكل خاص، فمجرد مقارنة بين السعر الذى يبيع به الفلاح والذى يصل إلى المستهلك يكفى للتأكد من ذلك. مع العلم أن كل هذه الأسواق على ما تحققه من أرباح لا تدفع ضرائب وبعيدة عن أجهزة الدولة، ومن هنا تتضح أهمية تأسيس شركات للتعبئة والتغليف والتوزيع.
■ كل من أتحدث معهم من المستثمرين يرون أن مشكلة الطاقة من أبرز المعوقات التى تواجه الاستثمار ولا بد من أن تقوم الحكومة باتخاذ إجراءات لحلها.. كيف تراها؟
- هذا أمر حقيقى لا بد منه، وأعتقد أنه لا بد أن تصدر الحكومة قانونا لتنظيم دخول القطاع الخاص مجال الاستثمار فى إنتاج الطاقة، على أن تقوم الحكومة بشرائها وإعادة توزيعها وبيعها للمستهلكين فى المرحلة الأولى، الى ان يتم السماح فى مرحلة لاحقة للقطاع الخاص بالإنتاج والتوزيع، وأعتقد ان هذا الأمر سيفتح الباب أمام تدفقات استثمارية ضخمة خاصة فى إنتاج الطاقة الشمسية، مما يسهم فى حل مشكلة الطاقة التى تواجه المستثمرين والمصانع، كما أنها ستمثل مشكلة لحركة السياحة، فليس هناك سائح يأتى إلى بلد تنقطع فيه الكهرباء فى الفنادق أو المدينة التى يزورها.
وحسنا فعلت الحكومة بالسماح لمصانع الأسمنت بإنتاج الطاقة من الفحم وهذا أمر موجود فى كل دول العالم، ففى ألمانيا ٤٠% من مصانع الأسمنت تستخدم الفحم فى إنتاج الطاقة اللازمة للتشغيل، خاصة أن التكنولوجيا تطورت بشكل كبير فى هذا المجال.
■ هل توصلت إلى حل مع الحكومة بشأن الخلاف على الضريبة التى فرضتها حكومة الإخوان ما قبل ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ مع تحفظكم على دفع باقى الأقساط ولجوئكم للقضاء؟
- أعتقد أن الأمور تسير فى اتجاه تسوية هذا الموضوع، وبعد أن تتم التسوية سيعرف المجتمع كم حجم الظلم الذى مارسته حكومة الإخوان دون أى سند قانونى لإرغامنا على دفع هذه المبالغ، ربما فى إطار خطتهم لدفع المستثمرين الوطنيين للخروج من السوق ليحل محلهم حلفاؤهم.
■ تردد أن أسرة ساويرس تبرعت بنحو ٣ مليارات جنيه لصالح صندوق «تحيا مصر».. هل هذا حقيقى؟
- نعم حقيقى، وهذا مبلغ أعتقد أنه أقل ما يمكن أن نقدمه للبلاد فى هذه الظروف، بل نحن على استعداد أن نقدم كل غال ونفيس من أجل رفعة الوطن، فقد مرت سنة كاملة كنا نظن فيها ان الوطن اختطف، وجاءت ثورة ٣٠ يونيو لتعيده إلينا من جديد، نحن مستعدون أن نقدم لمصر كل ما تحتاجه من أموال واستثمارات.
■ وما رأيك فى هذا الصندوق وأهدافه؟
- أعتقد أنه مهم أن يصبح صندوق استثمار يستثمر فى مجالات معينة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وهناك أفكار مهمة لنشاط هذا الصندوق سوف أطرحها على المسؤولين قريباً.
0 comments:
Post a Comment